اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 154
الحركة في القول و العمل بإطمئنان خاطر، بعيداً عن ضغوط[1] المشركين و في منأي عن مناطق سيطرتهم و نفوذهم.
و لقد رأينا أنّهم كانوا يلاحقون تحرّكات النّبيّ (ص) و يرصدونها بدقّة، و يتهدّدون، بل و يعذّبون كلّ من يدخل في هذا الدّين الجديد، و يُخيفون كلّ من يحتمل دخولهم فيه.
ثانياً؛ إنّ الإسلام و ممثّله و داعيته الرّسول الأعظم (ص) لا يمكن له أن يقتنع بهذا النّصيب المحدود من التّقدّم؛ لأنّ دينه دين البشريّة جمعاء: «وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ»[2].
و ما حصل عليه حتّى الآن لا يمكّنه من تطبيق تشريعات الإسلام كافّة، و تحقيق كامل أهدافه، و لا سيّما بالنّسبة إلى ذلك الجانب، الّذي يعالج مشاكل النّاس الاجتماعيّة و غيرها ممّا يحتاج إلى القوّة و المنعة في مجال فرض القانون و النّظام.
ثالثاً؛ و لقد صمد أولئك الّذين أسلموا سنوات طويلة في مواجهة التّعذيب و الظّلم و الاضطهاد، حتّى لقد فرّ قسم منهم بدينه إلى بلاد الغربة، و بقي الباقون يواجهون محاولات فتنتهم عن دينهم بمختلف وسائل القهر تارة و بأساليب متنوّعة من الإغراء أخرى.
و إذا استثنينا أشخاصاً معدودين، كحمزة، أسد الله و أسد رسوله، و بعض من كانت لهم عشائر تمنعهم[3]، فإنّ بقيّة المسلمين كانوا غالباً من ضعفاء النّاس، الّذين لا يستطيعون حيلةً، و لا يجدون سبيلًا إلّا الصّبر و تحمّل الأذى.
[3] 3. و حتّى هؤلاء فإنّهم لم يسلموا من الاضطهاد النّفسي و المقت الاجتماعي المُرّ، و لربّما يكون ذلك بالنسبة لبعضهم أشدّ من التعذيب الجسدي، تبعاً لنسبة الوعي و الشّعور المرهف الّذي كان يمتاز به بعضهم على غيره.
اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 154