اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 153
ابتداء هجرة المسلمين إلى المدينة
يقول المؤرّخون: إنّه بعد أن عقد النّبيّ (ص) بيعة العقبة الأولى على الظّاهر مع أهل المدينة و لم يقدر أصحابه أن يقيموا بمكّة بسبب إيذاء المشركين، رخّص لهم بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالًا،[1] و بقي (ص) بمكّة ينتظر أن يؤذن له.
و جدير بالتّسجيل هنا أن نشير إلى دوافع الهجرة من مكّة إلى المدينة بمايلي:
أوّلًا: إنّمكّة لم تعد أرضاً صالحة للدّعوة، فقد حصل النّبيّ (ص) منها على أقصى ما يمكن الحصول عليه، و لم يبق بعد أي عمل في دخول فئات جديدة في الدّين الجديد، في المستقبل القريب على الأقلّ، و قد كان ثَمّة مبرّر لتحمّل الأذى و المصاعب، حينما كان يؤمّل أن تدخل في الإسلام جماعات تقويه و تشدّ من أزره.
أمّا بعد أن أعطت مكّة كلّ مالديها، فأخرجت جماعات من شبّان المؤمنين و من المستضعفين، و لم يبق فيها إلّا ما يوجب الصدّ عن سبيل الله، فإنّ البقاء في مكّة ليس فقط لا مبرّر له، بل هو خيانة للدّعوة الإسلاميّة و مساعدة على حربها و القضاء عليها، و لا سيّما بعد أن جَنَّدت[2] قريش كلّ طاقاتها للصدّ عن سبيل الله و إطفاء نوره، و يأبى الله إلّا أن يتمّ نوره و لو كره المشركون.
نعم، لقد كان لابدّ من الانتقال إلى مركز آخر تَضْمَن الدّعوة فيه لنفسها حرّيّة