و نجد أنّ نصّ البيعة قد تضمّن الخطوط العريضة، و أهمّ المبادي الّتي يقوم عليها المجتمع الإسلامي، و هي تتضمنّ جانباً عقائديّاً، و آخر عمليّاً، و قد حملهم (ص) مسئوليّات معيّنة في علاقاتهم مع بعضهم بعضاً؛ و جعل التزامهم هذا قائماً على إعطاء تعهّدٍ من قِبَلهم، يرون مخالفته تتنافى مع شرف الكلمة و قُد سيّتها؛ و ذلك تحت عنوان «البيعة» الّتي تعنى إعطاء كلمة الشّرف بالالتزام بتلك المبادي، ولكنّه لم يقرّر عقاباً عنيفاً لمن ينقض هذا العهد و يتجاوز و يغشّ فيه؛ فإنّ الوقت حينئذٍ لم يكن مناسباً لقرارٍ كهذا. بل أو كل ذلك إلى الوجدان و الضّمير الشّخصي لكلّ منهم، مع ربطه بالمبدأ العقيدي، و مع إعطاء الفرصة له للعودة لإصلاح الخطأ إن كان؛ حيث أبقى الأمل حيّاً لدى ذلك الّذي يمكن أن يغشّ و أوكل أمره إلى الله، إن شاء عذّب و إن شاء غفر.
بيعة العقبة الثانية
و عاد مُصعب بن عمير من المدينة إلى مكّة، فعرض على النّبيّ (ص) نتائج عمله، فسرّ بذلك نبي الإسلام سروراً عظيماً.[2] و في موسم حجّ السّنة الثّالثة عشرة من البعثة أتى من أهل المدينة جماعة
[1] 1. السيرة النبوية لابن كثير، ج 2، ص 184 و راجع: تاريخ الطبري، ج 2، ص 90، والسيرة لابن هشام، ج 2، ص 80 79، و السيرة الحلبيّة، ج 2، ص 14
[2] 2. و في البحار، ج 19، ص 12: أنّ مصعباً قد كتب إلى النّبيّ( ص) بذلك و كذا في إعلام الورى، ص 59.
اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 146