اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 115
الحبشة و أمنهم، ائتمرت فيما بينها و قرّرت إرسال رجلين من قِبلها إلى الحبشة لاسترداد المهاجرين، و وقع اختيارهم على عمرو بن العاص،[1] فأرسلو هما إلى النّجاشي بهدايا له و لبطارقته.[2] و ادّعيا أَمام النّجاشي أنّه قد ضَوى[3] إلى بلدك منّا غلمان سفهاء فارقوا دينهم و لم يدخلوا في دينك، و جاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن و لا أنت، و قد بَعَثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم و أعمامهم و عشائرهم لتردّهم إليهم ....
فرفض تسليمهم إليهم حتّى يسئلهم عن صحّة ما جاء به عمرو و عمارة. فجاء المسلمون، فسئلهم. فقال جعفر:
«أيّها الملك! كنّا قوماً أهل جاهليّة، نعبد الأصنام، و نأكل الميتة، و نأتي الفواحش، و نقطع الأرحام، و نسىء الجوار، و يأكل منّا القوي الضعيفَ، فكنّا على ذلك، حتّى بعث الله إلينا رسولًا منّا، نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفافه، فدعانا إلى الله لنوحّده و نعبده و نخلع ما كنّا نعبد نحن و أباؤنا من دونه من الحجارة و الأوثان، و أمرنا بصدق الحديث، و أداء الامانة، و صلة الرّحم، و حسن الجوار، و الكفّ عن المحارم و الدّماء؛ و نهانا عن الفواحش، و قول الزّور، و أكل مال اليتيم، و قذف المحصنات؛ و أمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئاً، و أمرنا بالصّلاة، و الزّكاة و الصّيام و ...».[4]
[2] 2. البطارقة: جمع بطريق و البطريق: القائد من قوّاد الرّوم، تحت يده عشرة آلاف رجل
[3] 3. ضوى إليه: انضمّ إليه و لجأوأوى، و فلانٌ: أتى ليلًا
[4] 4. ذكرت الزّكاة و الصّيام في مختلف المصادر، فراجع: سيرة ابن هشام، ج 1، ص 360، و السيرة النبوية، لابن كثير، ج 2، ص 21، و الكامل لابن الاثير، ج 2، ص 80( و لم يذكر الزكاة) و إعلام الورى، ص 44( و لم يذكر الصيام) و البداية و النهاية، ج 3، ص 74 و تاريخ الخميس، ج 1، ص 290، و حلية الأولياء، ج 1، ص 114، و السيرة الحلبيّة، ج 1، ص 340.
قد شكّك البعض في صحّة هذه الرّواية، و ذلك لذكر الصّيام فيها، و هو إنّما شرع في المدينة( ذكره أحمد أمين في فجر الاسلام، ص 76 و لعلّه اقتبسه من السيرة الحلبِيّة، ج 1، ص 339) و لكنّه كلام باطل؛ فإنّ الصّيام و الزّكاة و غير ذلك كلّه قد شرع في مكّة. و منشأ هذه التّحقيقات الرّشيقة!! لأحمد أمين و من هم على شاكلته، إنّما هو التّشكيك في موقف يُظهر بطولة جعفر، و جرأته و حكمته و عقله و درايته. و قد ابتلى جعفر بمثل هذا الإجحاف في حقّه في مورد آخر، و هو كونه الأمير الأول في غزوة مؤته كما سيأتي فإنّ لهم اهتماماً خاصّاً في إبعاد جعفر عن هذا المقام و التّأكيد على أنّ الأمير الأول هو زيد بن حارثة. كلّ ذلك من أجل أخوّته لعلي( ع) و قرابته منه.
اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 115