responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير سورة هل أتى المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 67

فالأمشاجية في الإنسان أكمل منها في الحيوان، من حيث إن فوق الصفات التي يشترك فيها الإنسان و الحيوان، صفات أخرى تختص بالإنسان، هي التي أهّلته للابتلاء، و هي التي تنشأ عنها السميعية و البصيرية، و الإرادة، و الاختيار، و لأجلها ظهرت حاجته إلى الهدايات على أنواعها، مما يعني أنها أمشاجية لمزايا إنسانية، و حيوانية ترتقي إلى مستوى التأثير في إنسانيته إلى حد إبطالها، أو حفظها و تكاملها. فبعد خلق الإنسان من النطفة الأمشاج الجامعة لتلك المزايا و يصير أمامنا إنسان ماثل للعيان، تبدأ عملية الابتلاء له ..

و لعل عملية الابتلاء تبدأ حين يبدأ الإنسان بالسعي لاستجماع خصائصه و مزاياه الإنسانية، و الحصول على كمالاته بإرادته، و اختياره، بما له من فطرة هادية، و عقل راشد و مرشد، فيواجه في داخله غرائزه، و منها حب المال، و الجنس، و الأنا، و نحوها من النوازع التي تدعوه إلى الإغراق و الإفراط إلى حد السير في غير ذلك الاتجاه.

و لحالات الجسد تأثيرها على حالات الروح و النفس، فيكون الاحتكاك و الصراع فيما بين هذين .. و يكون للعقل و للفطرة دور الهادي و المرشد ..

و ينشأ عن ذلك التصدي تمييز بين الأمور، و إدراك لدقائق القضايا، و حصول على معارف و خبرات جديدة ..

و يصبح الإنسان بعد أن تبلورت في شخصيته مزاياها بأبه و أجلى مظاهرها، و بعد أن صفت و زكت، و طهرت، سميعا بصيرا، ثاقب النظر، عميق الفكر، عارفا بالحسن و القبيح، مميزا للخطأ من الصحيح .. واقفا على مواضع الخلل و النقص، و الحاجة و العجز في داخل ذاته، و في قدراته ..

اسم الکتاب : تفسير سورة هل أتى المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست