و انتقلت من مرحلة إلى مرحلة، حتى جاء دور النشوء الأكبر، الذي أشار إليه تعالى بقوله: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ[1].
فانفصل بذلك عن غيره من الحيوان، ليتدرج في الحصول على خصائصه و ميزاته، من حيث هو إنسان، مريد، مختار، عاقل، مفكر إلخ ..
و هذا بالذات ما ترتب عليه الابتلاء و الاختبار الذي نشأت عنه السميعية و البصيرية ..
آدم أبو البشر:
و قد يسأل سائل: هل كان خلق النبي آدم [عليه السّلام] أيضا من نطفة أمشاج؟! .. أم أنه مستثنى من هذه الآية؟!، لأنها تتكلم عن الإنسان المولود من النطفة، و النبي آدم إنما خلق من تراب!! ..
و يجاب عن ذلك: بأن الأمشاج تعني الاختلاطات المختلفة، و يراد بالنطفة الماء القليل، أو كل ما هو قليل ..
و هذا الأمر يمكن تصوره أيضا بالنسبة للنبي آدم عليه و على نبينا و آله الصلاة و السّلام .. فإنه خلق من شيء قليل، و فيه اختلاطات تستبطن مزايا .. تؤهل هذا المخلوق للابتلاء، الذي تنتج عنه السميعية و البصيرية.
«الابتلاء»:
و قد قلنا: إن محور الكلام في الآية الكريمة هو الإنسان بما له من صفة إنسانية، لا البشر، و لا خصوصيات الحيوانية في الإنسان، و ذلك لأن الإنسان هو الذي يصح ابتلاؤه و اختباره.