مع أن يوم القيامة هو من الأمور الغيبية، التي لا يسهل اليقين بها، فضلا عن أن يصبح كأنه يراها رأي العين، إذ إن ما لا يكون من الأمور الحسية، و لا الفطرية، و لا من الأحكام العقلية، بل هو من الأمور السمعية، يكون اليقين به صعبا، فضلا عن أن يصبح كأنه مشاهد بالعيان، فإذا بلغ اليقين إلى هذا الحد .. فذلك أقصى درجات الإيمان و المعرفة، و هو يعبر عن الأدوار الصعبة، التي قطعها أولئك الأبرار، حتى بلغوا هذه المراتب، فإن للمعرفة دورها في صفاء الإيمان، و في رهافة الشعور، و في دقة الإدراك، و صحة اليقين ..
الحديث عن الشدائد لما ذا؟!:
و يلاحظ: أن الحديث هنا قد جاء عن الخوف من ذلك اليوم العبوس القمطرير، لا عن المثوبات العظيمة للمطعمين، فلم يقل:
نطعمكم رغبة في الجنة، أو في الثواب الجزيل، و الأجر الجميل مثلا.
و ربما يكون السبب في ذلك:
أنهم لا يريدون جعل عملهم تجاه اليتيم، و الأسير، و المسكين، ذريعة للمثوبة، بحيث تكون المثوبة جزاء له، لأن إيكال المثوبة إلى فضل اللّه سبحانه هو الأمثل و الأولى ..
و ذلك لأن المهم عندهم هو الحصول على رضا اللّه سبحانه .. لا الحصول على المكافآت و النعم لأنفسهم. فإن ذلك قد يشير إلى شيء من الاهتمام منهم بالذات، و حب اكتساب المنافع لأنفسهم كأشخاص.
مع أن رضا اللّه أعظم النعم .. فقد قال تعالى: وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ