و يجاب: أن هذه الباء قد جاءت لبيان هذه المعادلة، و هو أن يكون ما يأتي به من عمل قد نذره، معادلا لما طلبه في مقابله، و وافيا به. فهي باء التعويض، و تشبه إلى حد مّا الباء في قولك: كافأته بألف درهم، أو قولك: بعت الفرس بألف.
«يوفون» بصيغة المضارع:
و عن السبب في أنه تعالى قال: «يوفون» بصيغة الفعل المضارع، لا بصيغة الماضي، فلم يقل: وفوا بنذرهم ..
نقول:
ربما يكون ذلك لبيان ما يلي:
أولا: إن هذه هي طبيعتهم و سجيتهم، فإن وفاءهم لم يكن لأمر عارض فرض عليهم ذلك.
ثانيا: إن هذا الوفاء ليس مجرد حدث قد مضى و انقضى، بل هو متجدد و مستمر، فهم يقومون بوفاء بعد وفاء، بل هم لا يزالون يشعرون بالحاجة إلى رضا اللّه سبحانه، و أنهم مدينون له، و أن شفاء الحسنين [عليهما السّلام] لا يقابله مجرد صوم الثلاثة أيام، و لو في مثل تلك الظروف الصعبة. فإن هذا الشفاء منة عظيمة تبقى للّه في أعناقهم، و لا بد أن يبقى شعورهم بها .. و بالحاجة إلى شكرها، و إلى تقديم العوض المناسب عنها، و لا يرون أي شيء في الوجود يفي بشكر هذه النعمة، و يوفي هذه المنة ..
ثالثا: إن المضي و الانقطاع اللذين يشار إليهما بكلمة: «وفوا بالنذر» قد يفسح المجال لتوهم .. تجدد الحاجة إلى الوفاء، و أنه ربما تكون قد استجدت