ثالثا: إن دلالة كلمة الأبرار على معانيها، لا يجب أن تكون بنحو استعمال المشترك في المعاني المتباينة، بل قد تكون الدلالة من خلال وجود حالات و خصوصيات للفظ تمكنه من تحمل المعاني المختلفة ..
كما أن من الممكن إرجاع العديد من المعاني إلى معنى أوسع، يصلح للانطباق عليها جميعا، كل في موقعه، و هو ما يعبر عنه بالقدر المشترك، الذي تتعاقب عليه، أو حتى تلتقي فيه الخصوصيات المختلفة، بل المتباينة ..
«يشربون»:
و اللافت هنا: أن اللّه سبحانه حين ذكر جزاء الأبرار بدأ بالشراب، لا بالقصور، و لا بالأشجار و الأنهار، و لا بغير ذلك من أنواع الفاكهة، و المطعومات، و لا غير ذلك من النعم المختلفة.
و لعل سبب ذلك هو ما ثبت من طرق السنة و الشيعة، من أن أول علامات النجاة في يوم القيامة، هي الشرب من حوض الكوثر، من يد إمام الأبرار، و قسيم الجنة و النار، الإمام علي أمير المؤمنين عليه الصلاة و السّلام، و ذلك هو المنقذ في يوم العطش الأكبر[1] ..
و بالمناسبة، فإن البشارة التي بشّر بها علي الأكبر أباه، حين استشهاده هي قوله: «هذا جدي رسول اللّه [صلّى اللّه عليه و آله] قد سقاني بكأسه شربة لا أظمأ بعدها»[2]، أو بقوله: «إن لك كأسا مذخورة»[3].