صاحب كتاب كفاية الأصول، و غيره، على اعتبار أن الاستعمال هو لحاظ اللفظ فانيا في المعنى، و بعد أن فني في المعنى الأول، فيستحيل لحاظه فانيا في غيره في آن واحد، و في استعمال واحد.
و نقول في الجواب ..
أولا: إن تفسير الاستعمال بذلك غير ثابت، بل ربما يكون خلافه هو الأصح، أو أنه- على الأقل- هو الأرجح ..
ثانيا: إن الوقوع أدل دليل على الإمكان، و نحن نرى: أن العرب يستعملون التورية في محاوراتهم. و التورية هي القصد إلى معنى، مع إرادة إفهام السامع معنى آخر منه، و قد يكون المراد إفهام كل فريق معنى، يختلف عما يراد إفهامه لفريق آخر.
فمن الثاني: ما ذكروه من أن بعضهم أجاب على سؤال: من كان الخليفة بعد الرسول [صلّى اللّه عليه و آله]، بقوله: من كانت ابنته تحته[1] ..
فالسني فهم أن الخليفة هو أبو بكر، لأن ابنته كانت تحت رسول اللّه [صلّى اللّه عليه و آله]. و الشيعي فهم أنه الإمام علي [عليه السّلام] لأن ابنة الرسول [عليها السلام] كانت زوجة للإمام علي [عليه السلام].
و من الأول: ما روي عن الإمام الصادق [عليه السّلام]، حين سئل عن الهلال، فقال [عليه السّلام]: ذاك إلى الإمام، إن صام صمنا، و إن أفطر أفطرنا ..
و حين طلب معاوية من عقيل أو من غيره: أن يلعن عليا على المنبر، قال: ألا إن معاوية قد أمرني بلعن علي بن أبي طالب، ألا فالعنوه.
و أمثال ذلك كثير ..
[1] بحار الأنوار ج 104 ص 17، و شجرة طوبى ج 1 ص 267.