و كذا الحال في ما ورد من أن العلم ليس بكثرة التعلم، و إنما هو نور يقذفه اللّه في قلب من يشاء.
و المقصود ليس هو العلوم المادية طبعا، فإنها مما يصل إليه المؤمن و غير المؤمن.
فإذا كان العلم نورا، فذلك يعني: أن القضية ليست في أن يتعلم الإنسان في المدرسة، أو لا يتعلم فيها، بل القضية هي أن هناك درجات من العلم، لا يحصل عليها المتعلم إلا من خلال الأخلاق و الإيمان و السلوك المستقيم، حتى إذا أخل بهذا الجانب، و حرم من الصفاء الروحي، فإنه يحرم من درجات و أنواع من العلوم.
و قد ألمحنا فيما سبق إلى قوله تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها، فكم هو دقيق و لطيف هذا التعبير بالانسلاخ الذي يشير إلى أن هذه الآيات ملتصقة في فطرته، ناشئة معه، حتى أصبحت جزءا من كيانه، حتى ليحتاج إلى الانسلاخ منها؛ (فَانْسَلَخَ مِنْها).