إن هذا الكوثر الذي أعطاه اللّه لنبيّه، سواء فسّرناه بالخير الكثير، أو بمصدر الكثرات، أو بغير ذلك مما يعدّ نعمة يصلح الامتنان بها؛ فإنّه مظهر ربوبي و ينفي بصورة واقعيّة و ملموسة أن يكون ما سواه- مما زعموا- أربابا صالحة للتأثير في الحياة، و في حلّ المشكلات.
النّعم تصل الإنسان بالله:
و من الواضح: أن اللّه سبحانه و تعالى يريد أن يقرّب هذا الإنسان إليه، و يصله به، ليتعامل معه من مواقع القرب هذه تعاملا حضوريّا أما هذه النعم التي يتكرّم و يتفضّل اللّه بها عليه، و هذه الرعاية له، فهي صلة الوصل الأولى التي تقرّبه إلى اللّه، و تجعله يشعر بوجوده، و حضوره و برعايته، و بحاجته إليه سبحانه.
و عليه أن يصلح علاقته به، و معه.
و من الناحية الفكريّة و التصوّرية، فإنّ هذا الإنسان مهما حاول أن يتصوّر مقام الألوهية، فسيبقى عاجزا عن ذلك، و ستكون محاولاته غير واقعيّة، و غير مجدية،