و لكن عند ما تتوجّه لنور الدليل و البرهان، و تقول له: قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ،* فإنه سيلتمس المسارب و المهارب للفرار، ثم هو يتركك إلى غير رجعة.
لماذا خصّصنا الكوثر بأمور الخير:
و المقصود بالكوثر ليس أيّة كثرة كانت، و لو لأمر عادي، فإن الرمل- مثلا- كثير، لكنّه ليس مقصودا قطعا؛ لأنه تعالى في مقام الإمتنان على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بهذا العطاء، بهدف إظهار الكرامة له، و ذلك يقتضي أن يكون ما يعطيه له أمرا محبوبا و مرغوبا فيه، و يسعى إليه الانسان و ينسجم مع رغباته، و طموحاته، و آماله؛ كما أن المقصود ليس هو كثرة المال و لا غيره مما هو زينة الحياة الدنيا، لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يكن يحبّ المال أو المقام الزائل؟ بل كان يحبّ ما هو أغلى، و أعلى، و أسمى، و أهمّ من هذه الدنيا، و أشرف منها ..
و إذا كان علي عليه السّلام- و هو تلميذ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- يقول:
إن دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز، فهل يعقل أن يكون النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- و هو مربي علي عليه السّلام- محبّا لها،