اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 64
فكما أنّ الموجود الخارجي على قسمين: أحدهما موجود بنفسه، أي
لا يحتاج في وجوده الى الغير كالجواهر، و الثاني موجود بغيره، أي يحتاج في وجوده
الى الغير كالاعراض، كذلك المفاهيم في عالم الذهن بعضها مستقلّ في التعقّل،
كمفاهيم الاسماء بجواهرها و أعراضها على ما تقدّم، و بعضها غير مستقلّ في عالم
المفهومية و التعقّل كمفاهيم الحروف، فانّها ليست الّا ربطا بين المفاهيم
المستقلّة.
و حيث انّ الاسماء حاكية
عن مفاهيمها و موجبة لاخطارها في ذهن السامع سمّيت بالاخطارية، و الحروف لا تكون
حاكية بل موجدة للربط في الكلام بين المفاهيم المستقلّة، فسمّيت ايجاديّة.
و لا يخفى أنّ ايجادية
الحروف ليست من سنخ ايجاديّة الانشاءات في العقود و الايقاعات، فانّها موجدة
بالاعتبار، على ما ذكره المشهور، من أنّ العقود و الايقاعات موجدة للملكيّة أو
الزوجيّة و نحوها بالاعتبار، بخلاف الحروف فانّها موجدة للربط في الكلام حقيقة.
و ظهر بما ذكرناه فرق
آخر بين المعاني الحرفيّة و الاسميّة، و هو انّ المعاني الحرفيّة مغفول عنها غير
ملتفت اليها حال الاستعمال، بخلاف المعاني الاسمية.
و توضيح ذلك: انّك تخبر
تارة عن السير الخاص، و تقول: سرت من البصرة الى الكوفة، فالنسبة الابتدائيّة
المستفادة من كلمة «من» مغفول عنها، و اخرى تخبر عن نفس النسبة الابتدائية، و
تقول: النسبة الابتدائية خير من النسبة الانتهائية، فالنسبة الابتدائية المستفادة
من التلفظ بها ملتفت اليها، و النسبة الابتدائية في الكلام الاوّل معنى حرفي، و في
الكلام الثاني معنى اسمي.
و منه ظهر وجه التشبيه
في كلمات القوم لكلّ أمر غير ملتفت اليه
اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 64