اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 572
فانّ التعبير عن وجوب شيء بلفظ النهي عن تركه غير عزيز، كما في الروايات الناهية عن ترك الصلاة، فانّه من الواضح أنّ المقصود منها افادة وجوبها لا حرمة تركها ايضا، كي يكون تاركها مستحقّا لعقابين: عقابا لتركه الواجب، و عقابا لارتكابه الحرام.
و هذا التعبير متعارف في كلمات الفقهاء ايضا، فانّهم يعبرون عن الاحتياط الواجب بلفظ النهي، فيذكرون في الرسائل العملية أنّ هذا الاحتياط لا يترك، و لكن هذا المعنى من العينية خارج عن محلّ الكلام، اذ الكلام انّما هو في العينية بحسب الواقع و مقام الثبوت لا في مقام الابراز و التعبير.
و ان كان المراد هو العينية الواقعية و الاتّحاد في الواقع، فان كان المراد من النهي عن الترك هو طلب ترك الترك، فانّه قد يراد من النهي عن الشيء طلب تركه، كما هو الحال في تروك الاحرام، فانّ النهي لم ينشأ عن مفسدة الزامية فيما يحرم على المحرّم، بل نشأ عن مصلحة ملزمة في تركه، فهو ليس الّا طلب الفعل نفسه، لانّ ترك الترك و ان كان مغايرا مع الفعل مفهوما الّا أنّه عينه مصداقا، بل هو عنوان ينتزع عنه، فلا يكون هناك نهي حقيقي ناش من مفسدة في متعلّقه، و حيث انّ النهي عن الترك بهذا المعني عين طلب الفعل، فلا معني للنزاع في أنّ الامر بالشيء يقتضي النهي عن تركه، فانّه مساوق للنزاع في أنّ الامر بالشيء يقتضي طلب نفسه أم لا.
و ان كان المراد من النهي عن الترك النهي الحقيقي، أي الزجر الناشي من مبغوضية متعلّقه، و من قيام مفسدة ملزمة به، فدعوى العينية أو الجزئية واضحة الفساد، اذ لا معنى لان يقال: بعض الترك عين حب الفعل أو جزئه، فانّ الحب و البغض صفتان متضادّتان تعلّق أحدهما بشيء و الآخر بشيء آخر، و لو كان الشيء الثاني تركا للشيء الاوّل، فكيف
اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 572