اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 42
واقعيّة أزليّة، سواء التفت اليها أحد أم لم يلتفت، فلتكن
المناسبة الذاتيّة بين اللفظ و المعنى من هذا القبيل، فهي السبب لوضع لفظ خاص
لمعنى مخصوص، و ان لم يلتفت اليها الواضع.
ففيه: انّ هذا النوع من
المناسبة بين اللفظ و المعنى و ان كان ممكنا، الّا أنّه لم يدلّ عليه دليل، سوى ما
يتخيّل من أنّه لو لا المناسبة الذاتيّة بين اللفظ و المعنى لزم الترجيح بلا
مرجّح، و هو محال كالترجّح بلا مرجّح[1]، و فيه:
أولا: انّه لا استحالة
في الترجيح، و لا قبح فيه فيما اذا تعلّق الغرض بأحد الامور المتساوية من جميع
الجهات، فان كان شخص عطشانا و كان عنده اناء ان من الماء متساويين في جميع
الخصوصيّات، فهل يحكم العقل بأنّه يموت عطشا و ليس له شرب أحد من الماءين،
لاستحالة الترجيح بلا مرجّح أو لقبحه، أو يحكم بأنّ له رفع عطشه بأيّهما شاء؟
و لا يقاس ذلك على
الترجّح بلا مرجّح، فانّه من قبيل حدوث شيء بلا محدث، و هو بديهي البطلان، ضرورة
احتياج كلّ حادث الى محدث و موجد.
و ثانيا: انّه لو سلّمنا
بطلان الترجيح بلا مرجّح، لم يلزم أن يكون المرجّح هي المناسبة الذاتيّة، بل تكفي
مناسبة عرضيّة، بل لا يلزم أن يكون المرجّح هي المناسبة بين اللفظ و المعنى،
ذاتيّة أو عرضيّة، اذ يكفي أن يكون المرجّح خصوصيّة في الفعل و هو الوضع، بأن تكون
في وضع خاصّ لمعنى مخصوص خصوصية أوجبت رجحانه على وضع