اسم الکتاب : مصباح الأصول( مباحث الفاظ- مكتبة الداوري) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 258
عن ثبوت النسبة أو نفيها على المختار، و موضوعة للدلالة على
ثبوت النسبة أو نفيها على المشهور، و من الواضح أنّ قصد الحكاية عن الثبوت أو نفس
الثبوت ليس من سنخ الكلام ليكون كلاما نفسيّا.
و كذا الحال في الجمل
الانشائية، فانّ مدلولها الايجاد على المشهور و الابراز عندنا، و كلاهما من
الافعال الحادثة بحدوث الالفاظ، فلا يعقل كونهما من الصفات القائمة بالنفس قبالا
لسائر الصفات النفسانية من العلم و الارادة، فلم يبق شيء نسمّيه كلاما نفسيّا
قديما قائما بذاته الواجب قبالا لسائر صفاته الازلية.
فتحصّل أنّ ما ذكره
الاشاعرة من الكلام النفسي لا يرجع الى محصّل معقول، و لا يخرج عن مجرّد الفرض و
الخيال.
ما يستدل به الاشاعرة
على الكلام النفسي، و النظر فيه:
ثمّ انّه قد استدلّ
الاشاعرة على الكلام النفسي بأنّه لا ريب في أنّ اللّه سبحانه و تعالى متكلّم، و
قد وصف ذاته بالتكلّم في كتابه العزيز بقوله:
«وَ كَلَّمَ اللَّهُ
مُوسى تَكْلِيماً»[1]، فالتكلّم صفة
من صفاته كالعلم و القدرة و الحياة، و صفاته تعالى قديمة قائمة بذاته، لاستحالة
قيام الحادث بذاته القديم، و حيث انّ الكلام اللفظي مؤلّف من حروف متدرّجة منصرمة
في الوجود، فلا يعقل أن يكون قديما قائما بذاته تعالى و تقدّس.
فلا مناص من الالتزام
بالكلام النفسي المعنوي القائم بذاته القديم بقدمه حتّى يصحّ اتّصافه تعالى
بالتكلّم، كاتّصافه بسائر صفاته الازلية كالعلم و القدرة و الحياة.