اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 2 صفحة : 432
إلى الآخر، فلا مزاحمة بين الواجبين في المثالين. و وجوب التقديم فيهما إنّما هو بحكم العقل، لكون المكلف قادراً على امتثال التكليفين، فيجب عليه امتثالهما عقلًا بتقديم المضيق و الاتيان بالموسع بعده، و باتيان الواجب التعييني و العدل غير المزاحم له من أفراد الواجب التخييري. و لا يجوز تقديم الموسع و الواجب التخييري، فانّه يوجب فوات الواجب المضيق و الواجب التعييني من قبل نفسه.
المرجح الثاني: كون أحد الواجبين غير مشروط بالقدرة شرعاً، فيقدّم على واجب مشروط بها شرعاً.
و المراد بالثاني ما يكون ملاكه متوقفاً على القدرة، ففي صورة العجز ليس له ملاك أصلًا، بخلاف الأوّل فانّ المراد به ما يكون ملاكه غير متوقف على القدرة، فهو تام الملاك و لو مع العجز، و إن كان المكلف معذوراً في فواته عقلًا، كما إذا دار الأمر بين حفظ النفس المحترمة من الهلاك، و بين الوضوء فانّ ملاك حفظ النفس و مصلحته غير متوقف على القدرة، و إن كان العاجز معذوراً عقلًا، بخلاف الوضوء فانّه مشروط بالقدرة شرعاً بقرينة مقابلة الأمر به للأمر بالتيمم المقيد بفقدان الماء. و المراد به عدم القدرة على الوضوء، إذ من المعلوم أنّ مجرد وجدان الماء لا يرفع التكليف بالتيمم، و لو مع عدم القدرة على الاستعمال. و بعد كون التكليف بالتيمم مشروطاً بعدم القدرة على الوضوء يكون التكليف بالوضوء مشروطاً بالقدرة لا محالة، لأنّ التقسيم قاطع للشركة كما ذكرناه سابقاً، فيجب تقديم حفظ النفس و ينتقل من الوضوء إلى التيمم، لأنّه مع تقديمه لا تفوت عن المكلف مصلحة أصلًا، فان مصلحة حفظ النفس محفوظة بالامتثال، و مع صرف القدرة فيه ينتفي التكليف بالوضوء بانتفاء
اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 2 صفحة : 432