اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 579
و الذي ينبغي أن يقال: إنّه إن كانت القدرة المعتبرة في مثل هذا الواجب معتبرة عقلًا من باب قبح التكليف بغير المقدور و غير دخيلة في الملاك، كما إذا ألقى أحد نفسه من شاهق إلى الأرض، فانّه أثناء الهبوط إلى الأرض و إن لم يكن مكلفاً بحفظ نفسه، لعدم قدرته عليه، إلّا أنّ قدرته ليست دخيلة في الملاك، و مبغوضية الفعل للمولى باقية بحالها، ففي مثل ذلك لا ينبغي الشك في وجوب التعلّم قبل الوقت للتحفظ على الملاك الملزم في ظرفه، و إن لم يكن التكليف فعليّاً في الوقت، لما تقدّم سابقاً[1] من أنّ العقل يحكم بقبح تفويت الملاك الملزم، كما يحكم بقبح مخالفة التكليف الفعلي.
و إن كانت القدرة معتبرة شرعاً و دخيلة في الملاك، فلا يجب التعلّم قبل الوقت حينئذ، بلا فرق بين القول بوجوبه طريقياً و القول بوجوبه نفسياً. أمّا على القول بالوجوب الطريقي فالأمر واضح، إذ لا يترتب على ترك التعلّم فوات واجب فعلي و لا ملاك ملزم. و أمّا على القول بالوجوب النفسي، فلأنّ الواجب إنّما هو تعلّم الأحكام المتوجهة إلى شخص المكلف، و المفروض أنّه لم يتوجّه إليه تكليف و لو لعجزه، و لا يجب على المكلف تعلّم الأحكام المتوجهة إلى غيره، و هو القادر، و لذا لا يجب على الرجل تعلم أحكام الحيض.
و ظهر بما ذكرناه: أنّه لا ثمرة عملية بيننا و بين المحقق الأردبيلي (قدس سره) إذ قد عرفت عدم وجوب التعلّم في هذا الفرض على كلا القولين، فلا يجدي الالتزام بالوجوب النفسي في دفع الاشكال المذكور، بل الحق هو الالتزام بالاشكال و عدم وجوب التعلّم، و لا يلزم منه محذور.