اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 43
توضيح ذلك: أنّ الاحتياط العقلي عبارة عن حكم العقل بتنجز الواقع على المكلف و حسن عقابه على مخالفته، كما في موارد العلم الاجمالي و الشبهة الحكمية قبل الفحص، و البراءة العقلية عبارة عن حكم العقل بعدم صحّة العقاب، و كون المكلف معذوراً في مخالفة الواقع لعدم وصوله إليه، و لا معنى لقيامهما مقام القطع، إذ لا بدّ في التنزيل و قيام شيء مقام شيء آخر من وجه التنزيل، أي الأثر الذي يكون التنزيل بلحاظه، و هو المصحح للتنزيل، و في المقام أثر القطع هو التنجز و المعذورية، فإذا قام شيء مقامه كان بلحاظهما لا محالة. و أمّا نفس التنجز و المعذورية فلا يعقل قيامهما مقام القطع، و ليس الاحتياط و البراءة العقليّان إلّا التنجز و التعذر بحكم العقل، فكيف يقومان مقام القطع.
و كذا الحال في الاحتياط و البراءة الشرعيين، فانّ الاحتياط الشرعي عبارة عن إلزام الشارع إدراك مصلحة الواقع، و البراءة الشرعية عبارة عن ترخيصه حين عدم إحراز الواقع، فالاحتياط الشرعي نفس التنجز، و البراءة الشرعية نفس التعذر بحكم الشارع، فليس هنا شيء يقوم مقام القطع في التنجز و التعذر.
[نقد كلام الآخوند في حاشيته على الرسائل]
بقي في المقام شيء ينبغي التعرض له: و هو أنّ صاحب الكفاية (قدس سره) بعد ما منع عن قيام الأمارات و الاصول مقام القطع الموضوعي، لاستلزامه الجمع بين اللحاظ الآلي و الاستقلالي في دليل الحجّية على ما تقدّم بيانه[1] ذكر في حاشيته على الرسائل[2] وجهاً لقيامها مقامه، و حاصل هذا الوجه: أنّ أدلة الأمارات و الاصول و إن كانت متكفلة لتنزيل المؤدى منزلة الواقع فقط، فلا يكون هناك إلّا لحاظ آلي، إلّا أنّ هذه الأدلة الدالة على تنزيل المؤدى منزلة