اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 396
و اختار المحقق النائيني (قدس سره)[1] في بحث دوران الأمر بين شرطية شيء و مانعيته تقديم محتمل الأهمّية، و ذكر في وجه ذلك: أنّ كل تكليف واصل إلى المكلف يقتضي أمرين: لزوم الامتثال و إحرازه. وعليه فالوجوب المعلوم بالاجمال في المقام كما يقتضي إيجاد متعلقه، كذلك يقتضي إحراز الايجاد باتيان كلا الفعلين، و كذا الحرمة المعلومة بالاجمال تقتضي ترك متعلقها و تقتضي إحرازه بترك كلا الفعلين، و هذان الحكمان و إن لم يكن بينهما تزاحم من ناحية أصل الامتثال، إذ المفروض تغاير متعلقي الوجوب و الحرمة و تمكن المكلف من إيجاد الواجب و ترك الحرام، إلّا أنّهما متزاحمان من ناحية إحراز الامتثال، إذ قد عرفت أنّ إحراز امتثال الوجوب يستدعي الاتيان بكلا الفعلين، و إحراز امتثال الحرمة يقتضي ترك كليهما، فلا يمكنه إحراز امتثالهما معاً. و قد عرفت أيضاً أنّ إحراز الامتثال من مقتضيات التكليف بحكم العقل، فكما أنّ عدم القدرة على الجمع بين ما يقتضيه الوجوب من الفعل و ما تقتضيه الحرمة من الترك يوجب التزاحم بينهما، كذلك عدم القدرة على الجمع بين ما يقتضيه كل منهما من إحراز الامتثال يوجب التزاحم بينهما أيضاً.
و فيه أوّلًا: النقض بما إذا علم تساوي الحكمين في الأهمّية، فانّ لازم كونهما من المتزاحمين أن يحكم حينئذ بالتخيير، فللمكلف أن يختار الوجوب و يأتي بكلا الفعلين، و له أن يختار الحرمة و يتركهما معاً. مع أنّ المحقق النائيني (قدس سره) لم يلتزم بذلك[2] و ذهب إلى لزوم الاتيان بأحد الفعلين و ترك الآخر حذراً من المخالفة القطعية في أحد التكليفين.