المتمم من إيجاب الاحتياط في موارد الشك، كما أوجبه في باب الدماء و الأعراض و الأموال، فمن عدم إيجاب الاحتياط في مورد يستكشف كون الملاك ليس بتلك المثابة من الأهمية. و لو شك في جعل المتمم و وجوب الاحتياط في مورد فالأصل يقتضى البراءة، لأنّه يندرج في قوله صلّى اللّه عليه و آله «رفع ما لا يعلمون» فانّ أمر المتمم وضعا و رفعا بيد الشارع، فيشمله حديث الرفع.
الأمر الثالث:
الضرر الّذي يستقل العقل بقبح الإقدام على ما لا يؤمن من الوقوع فيه، إمّا يكون أخرويا، و إمّا يكون دنيويا.
فان كان أخرويا فلا إشكال في أنّ حكم العقل بلزوم دفع المقطوع و المظنون و المحتمل منه يكون للإرشاد لا يستتبع حكما مولويا شرعيا على طبقه، لأنّ حكم العقل في باب العقاب الأخروي واقع في سلسلة معلولات الأحكام، و كل حكم عقلي وقع في هذه السلسلة لا يستتبع الحكم المولوي الشرعي و ليس مورد القاعدة الملازمة و إلّا يلزم التسلسل، فحكم العقل بلزوم دفع الضرر المظنون بل المحتمل يكون إرشاديا و طريقيا لا يترتب على مخالفته سوى ما يترتب على المرشد إليه من العقاب الواقعي لو فرض مصادفة الظن أو الاحتمال للواقع، و إلّا كان من التجري في حكم العقل، و ذلك واضح.
و إن كان الضرر دنيويا: فالذي يظهر من بعض كلمات الشيخ (قدس سره) في مبحث البراءة، هو أنّ الظن في المضار الدنيوية يكون طريقا مجعولا شرعيا كسائر الطرق الشرعية، فلا يترتب العقاب على مخالفته إلّا إذا صادف الظنّ الواقع و كان ما أقدم عليه ضررا واقعا، فيستحق المكلف العقاب على مخالفة الواقع لا مخالفة الطريق، و قد تقدم منّا الإشكال في ذلك، و أنّ الظاهر من تسالم الأصحاب- على ما هو المحكي عنهم- من أنّ سلوك الطريق الّذي لا يؤمن من الوقوع في الضرر معصية يجب إتمام الصلاة فيه و لو تبيّن عدم