بالكلام [1] فانّها هي المرجع في تشخيص الظهورات للجمل التركيبية، و هي قد تكون من القرائن العامة المضبوطة، كوقوع الأمر عقيب الحظر أو توهّم الحظر و كالاستثناء عقيب الجمل المتعددة و كتعقّب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده، و نحو ذلك من القرائن العامة التي ادّعى أنّها توجب انعقاد الظهور للكلام على خلاف ما يقتضيه لو لا احتفافه بتلك القرينة، و قد تقدّم البحث عنها في الجزء الأوّل و الثاني من الكتاب، و قد تكون من القرائن الخاصة في الموارد الجزئية، و هي ليست تحت ضابط كلي، بل تختلف باختلاف الخصوصيات و الحالات و المتكلمين.
و المتكفل لإثبات مفاد الدلالة التصورية لمفردات الكلام هو الأوضاع اللغوية إذا لم تكن المعاني مرتكزة في أذهان أهل العرف، و إلّا فالعبرة عليه و إن خالف الأوضاع اللغوية.
و استكشاف الأوضاع اللغوية إنّما يكون من قول اللغوي، فان أفاد قوله العلم بالوضع فهو، و إلّا ففي حجية الظن الحاصل من قوله إشكال، و إن
______________________________ [1] أقول: لا يخفى أنّ كل لفظ عند تجرده عن القرينة المتصلة به له دلالة على المعنى، بنحو يكفى فيه العلم بوضعه، و هو الّذي عبارة عن انسباق المعنى إلى الذهن من دون احتياج إلى إحراز كون المتكلم في مقام الإفادة و الاستفادة، و هو المعبّر عنه بالدلالة التصوريّة، من دون فرق فيه بين دلالة مفردات الكلام أو جملة، و لا بين مادة الكلام أو هيئته، كما أنّه مع اتصال الكلام بالقرينة أيضا، و ربما يتحقق هذه الدلالة التصورية، كما لو صدر ذلك من النائم أو الغافل، و أيضا لكل من مادة القضية و هيئته أو المفرد و جملته دلالة أخرى تصديقية، و هي التي تحتاج إلى إحراز كون المتكلم في مقام الإفادة و الاستفادة، و لا يتصور مثله من النائم و الغافل، و ربما يكون مركز البحث في حجية الظواهر هذه الدلالة دون الأولى.
و ربما يستنتج من مثل هذه الجهة في مسألة جواز التمسك بالعامّ في الشبهات المصداقية جوازا أو منعا كما هو محرّر في محلّه، و حينئذ ما أدري هذا المحقق البارع من أين جاء بهذا الاصطلاح في الدلالة التصورية و التصديقية؟! و لم التزم بأنّ لمفردات الكلام- و لو في طي الكلام- ظهور على خلاف جملة الكلام، إذ لو أريد من الجملة مجموع كلامه هيئة و مادة فالمادة لا تخرج عن هذه ذلك، فكيف لها ظهور و ليس للجملة ظهور، و إن أريد من الجملة مفاد الهيئة بخصوصه فالتفكيك بين الظهورين في غاية المتانة، و لكن ذلك في فرض عدم اتصال المادة بالقرينة على خلافها، و هو خلاف فرضه، كما لا يخفى.