الأولى: في نسبة موضوع كلّ علم إلى موضوع كلّ مسألة من مسائله.
الثانية: في المائز بين العلوم بعضها من بعض.
الثّالثة: في موضوع علم الأصول.
امّا الجهة الأولى فنسبة موضوع كلّ علم إلى موضوع كلّ مسألة من مسائله، هو نسبة الكلّي لأفراده و الطّبيعي لمصاديقه، بداهة انّ الفاعل في قولنا كلّ فاعل مرفوع مصداق من مصاديق كلّي الكلمة، الّتي هي موضوع لعلم النّحو.
فان قلت:
ان الرّفع انّما يعرض الفاعل، و بتوسّطه يعرض الكلمة، و ليس هو عارضا لذات الكلمة من حيث هي، فيكون الرّفع بالنّسبة إلى الكلمة من العوارض الغريبة و ان كان بالنّسبة إلى الفاعل من العوارض الذّاتية.
و بعبارة أخرى:
الموضوع للرّفع هي الكلمة بشرط الفاعليّة، و موضوع علم النّحو هو نفس الكلمة من حيث هي، و من المعلوم مغايرة الشيء بشرط شيء مع الشّيء لا بشرط، فيلزم اختلاف موضوع العلم مع موضوعات المسائل، و يلزم ان يكون المبحوث عنه في مسائل العلم من العوارض الغريبة لموضوع العلم. و هذا ينافى قولكم: موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذّاتية، و انّ موضوع العلم عين موضوعات المسائل. و هذا الإشكال سيأتي في جميع العلوم.
قلت:
الفاعليّة علّة لعروض الرّفع على نفس الكلمة، لا انّ الرّفع يعرض للفاعليّة أوّلا و بالذات، فالواسطة في المقام انّما تكون واسطة في الثّبوت لا واسطة في العروض، و قد تقدّم انّ الواسطة الثّبوتية لا تنافي العرض الذّاتي.
و الحاصل:
انّ ما يعرض الفاعل من الرّفع يعرض الكلمة بعين عروضه الفاعل من دون