التاسع: أن يكون الاسترباح بالتجارة، و أما إذا كان بغيرها- كأن يدفع إليه ليصرفه في الزراعة، مثلًا، و يكون الربح بينهما- يشكل صحته؛ إذ القدر المعلوم من الأدلة هو التجارة. و لو فرض صحّة غيرها للعمومات كما لا يبعد، لا يكون داخلًا في عنوان المضاربة (1).
صعب حيث لا يدري أنّ المتعارف في الزمن الذي هو فيه بأيّ مورد من الموارد الشرعية ينطبق؟ فإرجاع الفروع إلى الأصول صعب مستصعب، لا يتيسرُ لأحدٍ إلّا الأوحدي من الفقهاء؛ إذ هو من المواقف التي تزلّ فيها أقدام كثير من العلماء. و من ناحية اخرى إنّا نعلم أنّ الاحتياط طريق النجاة، فالتقوى و الورع يقتضي عدم الاجتراء على اللّه و على أحكام الله، و قد قال اللّه تعالى في حقّ رسوله الكريم: «وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ»[1]، فمن تصدّى للبحث في هذه المجالات و في نفسه شيء من خشية الله، يجفّ قلمه و يقف يده عمّا يحتمل فيه عدم رضا اللّه، فيتردد في كلّ شيء و يشكّ فيما لا يشكّ فيه و لا ينبغي أن يشكّ فيه أحد، فيبحث في البيع و نحوه من أنّه هل اللّفظ لازم فيه أو يتحقق بالمعاطاة أيضاً؟ و هل اللفظ المخصوص معتبر فيه أو يُنشأ بكلّ لفظ يدلّ عليه؟ و هل الماضوية و تقدّم الإيجاب على القبول و التوالي بينهما معتبرة فيه؟ و كذا يبحث في المضاربة عن الشرائط المحتملة، و من جملتها الشرط المذكور فيما نحن فيه، و ليس لهذه الأبحاث وجه غير ما ذكرناه، و إلى اللّه الملتجى و هو الكفيل و الوكيل.
(1) و لنذكر هنا جملة من كلمات الفقهاء حول المسألة:
1- قال الشيخ الطوسي رحمه الله:
«إن دفع إلى حائك غزلًا و قال: انسجه ثوباً على أن يكون الفضل بيننا، فهو قراض فاسد؛ لأن موضوع القراض على أن يتصرف العامل في رقبة المال و يقلّبها و يتّجر فيها.