الرابع: أن يكون معيّنا (1)، فلو أحضر مالين و قال: قارضتك بأحدهما أو بأيّهما شئت، لم ينعقد إلّا أن يعيّن ثمّ يوقعان العقد عليه. نعم، لا فرق بين أن يكون مشاعاً
و فيه ما لا يخفى.
هذه هي جميع الأدلّة التي استندت إليها في المسألة.
و الإنصاف أنّ ما قاله الماتن رحمه الله من اعتبار العلم بمقدار رأس المال و وصفه هو الحق، لكن لا لما ذكر في الوجه الثالث من عدم الاطلاق و العموم حتّى نتمسّك به لإثبات صحّة المضاربة، بل لأن المألوف المتعارف في العقود و العهود و الشروط بين أبناء العرف و العقلاء هو التعاقد بما هو معلوم و معروف. و التعاقد بالمجهول المبهم ليس متعارفاً و معهوداً؛ سواء أ كان العاقد مضارباً أم غيره؛ لأنّ المضارب العامل له أعضاء و جوارح فعّالة و ليس له من المال و الثروة نصيب، و هو يسعى أن يحصل مالًا و لو كان بنحو الأمانة حتّى يقدر به على الكسب، و بعيد في الغاية أن يكتفي في تعاقده بالمال المبهم المجهول قدراً، مع أنّ تناسب الربح و رأس المال أمر بديهي، فكلما كثر رأس المال يكون رجاء استحصال الربح أقوى و أكثر، و إذا كان المعهود المتعارف هو ذلك، فيحمل عليه العمومات و الإطلاقات و يبقى سائر الموارد بلا دليل خاصاً أو عاماً و مطلقا، و مقتضى الأصل هو الفساد.
(1) و إليك نص عبارات بعض الأعلام رحمهم الله حول المسألة:
1- قال العلامة رحمه الله: «الشرط الثالث: أن يكون معيناً، فلو أحضر المالك ألفين، و قال للعامل: قارضتك على إحدى هاتين الألفين أو على أيّهما شئت، لم يصحّ؛ لعدم التعيين و صار كما لو قال: قارضتك على هذه الدراهم أو على هذه الدنانير، أو قال: بعتك أحد هذين العبدين. و هو أصحّ وجهي الشافعية. و الثاني أنه يصحّ لتساويهما و ينتقض بما تقدم.
نعم، يصح القراض بالمال المشاع؛ فلو كان له نصف ألف مشاعاً فقارض غيره على ذلك،