أقول: الأولى أن يقال: لو كان تعريف المدّعي و المنكر، هو التعريف من باب الحقيقة الشرعيّة، أو من باب ما عند المتشرّعة في عرفهم الخاصّ، لكان اللازم أن نعرّفهما أوّلًا ثمّ نناقش بعد ذلك من حيث كون التعريف جامعاً مانعاً، أو عدم كونه كذلك.
و حيث إنّ الأمر ليس كذلك، لأنّهما مستعملان في الأحاديث و كلمات الفقهاء بحسب معناهما العرفي، إذن فالمرجع في معرفة معناهما هو العرف، سواء صدقت عليهما هذه التعاريف أم لم تصدق.
و عليه، فمن يدّعي الإعسار، فهو المدّعي بنظر العرف، لا بدّ له من أن يثبت دعواه بالبيّنة أو بأدلّة أخرى، و بالتالي فقوله لا يقبل بمجرّد رفعه الدعوى. ثمّ الأمر نفسه يقال بالنسبة لمن يدّعي الوفاء و ردّ المغصوب و ردّ الوديعة و الأمانة.
و أمّا بخصوص مسألة ما إذا أسلم الزوج و الزوجة قبل الوطي، ثمّ جاءت المرأة إلى المحكمة مدّعية التعاقب في إسلامهما و بطلان النكاح، و لكنّ الزوج بعد أن أحضر، ادّعى تقارن إسلامهما قبل المواقعة، ففي مثل هذه الحالة، يبقى النكاح على صحّته، و تكون المرأة مدّعية في نظر العرف، و يكون الزوج مدّعىً عليه، هذا و إن كان قولها موافقاً لظاهر الحال، بخلاف قوله.
و الشيء نفسه يقال فيما لو ادّعت الزوجة تمام المهر على زوجها، لتصرّفه بها خلوة، مع أنّ الزوج ينكر التصرّف بها.
أجل، في مثل هذه الحالات و نظائرها، لا يشكّ أهل العرف فيها بين المدّعي و المنكر.
نعم لو شكّ في تشخيص المدّعي و المنكر و وقع الاشتباه بينهما، حينئذٍ يصار إلى