لأنّه يمكن أن تكون الدعوى موافقة لأصالة من الأصالات كأصالة العدم، كما يمكن أن تكون مخالفة لأصالة أخرى، كأصالة الصحّة؛ و مثاله: إذا كان المال أمانة بيد شخص، ثمّ يدّعي انتقال ملكيّته إليه، و كون يده عليها بقاء يد المالكيّة حينما يدّعي شخص آخر الملكيّة على ذلك المال نفسه أيضاً. و أمّا لو كان المراد بذلك هو مخالفة بعض الأصول، فالمنكر هو الآخر فيكون كلام كلّ منهما موافقاً لبعض الأصول و مخالفاً لبعض آخر. ثمّ لا يخفى أنّه بالمعنى الذي ذكرناه للأصل، تساوق هذان المعنيان.
3- هو الذي يذكر أمراً خفيّاً بحسب الظاهر، أي خلاف الظاهر بحسب المتعارف و المعتاد[1]. و أورد عليه أنّ الخفاء أمر مبهم ذو مراتب يحصل بأمارات جزئيّة مختلفة بالنسبة إلى الأشخاص كالعدالة و الأمانة و سائر القرائن، فيلزم أن يكون شخص واحد في دعوىً واحدة مدّعياً عند حاكم يعرف ديانة المدّعى عليه و منكراً عند آخر لا يعرفها، و يستبعد وضع لفظ المدّعي و المنكر لمثل ذلك[2].
ثمّ إنّ المدّعي على هذا القول قد يفارق المعنيين الأوّلين كما في مثال إسلام الزوجين إذا ادّعى أحدهما التقارن و الآخر التعاقب، إذ الأصل التعاقب لأصالة تأخّر إسلام كلّ منهما إلى آخر ما يمكن التأخير إليه، و خلاف الظاهر هو العلم بالتقارن[3]. و التقارن يوجب بقاء النكاح و التعاقب يوجب الانفساخ.
4- و ربما يجمع بين الثاني و الثالث و يقال: هو الذي يدّعي خلاف الأصل أو الظاهر، و ما ورد على الثاني و الثالث يرد على هذا أيضاً، مضافاً إلى إمكان المنافاة بين الأصل و الظاهر كما مرّ.
5- المدّعي من يكون في مقام إثبات قضيّة على غيره؛ ذكر الطريحي رحمه الله أنّ ذلك يظهر