و أمّا الرجوع إليه من باب الاضطرار أو التحكيم فسنتعرّض له.
و أمّا إذا كان المتداعيان غير إماميّين يحتمل أن نقول: إنّ القضاء يكون على أساس مذهب المترافعين، فطبع القضاء يقتضي أن يكون القاضي لهم منهم. و لعلّ القاضي في كلّ دين و مذهب يناسب أن يكون من أنفسهم، خصوصاً في الأحوال الشخصيّة التي لا مساس للحكم فيها للكيان الاجتماعيّ السياسيّ و السلطة الدينيّة. و لا سيّما بملاحظة قاعدة الإلزام التي مقتضاها أنّ أحكامهم نافذة في حقّهم.
المسألة الثانية: في نصب غير الإمامي من قبل السلطة الإمامية
هل يجوز نصبهم من قبل السلطة الإماميّة ليحكم بين أهل ملّتهم أم لا؟
أقول: أمّا نصبهم للقضاء في ما بينهم فليس معناه تفويض السلطة الإلهيّة و المنصب الشرعيّ لهم، بل معناه تنظيم الأمور الحكوميّة و ترتيب شئون الأمّة، مضافاً إلى أنّ تصدّي القضاء لغير الإماميّ فيما بينهم أمر يقتضيه إدارة شئونهم غالباً، فإذا اقتضت الضرورة الحكوميّة و إدارة البلد نصبه، كما في حكومة أمير المؤمنين عليه السلام و نصبه لأمثال شريح، يجوز نصبه خصوصاً في زماننا هذا، لأنّ القضاة يقضون طبقاً للقوانين المهيّأة المكتوبة المطابقة للفقه الإماميّ، و المحاكم العليا ناظرة إلى الأحكام الصادرة من المحاكم البدويّة، فإذن بالشرائط المذكورة لا بأس بنصبهم خصوصاً في حقوق الناس و الأحوال الشخصيّة التي يتراض فيها المتداعيان غير الإماميّين بحكم القاضي غير الإماميّ و حكمه نافذ فيهما. و لا سيّما نظراً إلى الأولويّة بالنسبة إلى ما قلناه في قضاء الكفّار الذمّيين. أمّا إذا لزم من تصدّيهم للقضاء في ما بينهم ضرر على الحكومة أو أهل الإيمان فلا يجوز قطعاً.