يجوز لنا هنا، التأكيد على شرط آخر هو القدرة، و هي أعمّ من القدرة العقليّة و الجسميّة، فمن ليست له القدرة على تمحيص المسائل و تمييزها، و لا يتملّك الفطنة و الذكاء اللازمين في تيسير و تسيير دفّة العمل القضائي، فهو فاقد لمثل هذا الشرط، و هذا أمر يساعده الاعتبار أيضاً؛ لأنّه يشترك مع غير العاقل في عدم التمييز، إلّا أنّ أحدهما قادر على تمييز المسائل البسيطة و الآخر- و هو غير العاقل- غير قادر عليه و بما أنّ مثل هذه الأمور لا يمكن ضبطها و تحديدها فلا مناص من القول بعدم إمكان الإذن له في ممارسة القضاء.
الأمر الرابع: في تصدّي المجنون الأدواريّ للقضاء في دور إفاقته
قال المحقّق العاملي رحمه الله: «و كذا المجنون مطلقاً، مطبقاً أو أدواريّاً.»[1] قال المحقّق النجفي رحمه الله: «و لا مجنون و لو أدواراً حال جنونه.»[2] قال المحقّق اليزدي رحمه الله: «و لا المجنون و لو كان أدواريّاً في دور جنونه.»[3] أقول: لا دليل ظاهراً على عدم جواز تصدّي المجنون الأدواريّ للقضاء في دور إفاقته إلّا أنّه عظم شأن القضاء و لزوم اعتماد الناس على حكمه يقتضي أن يحذر عن تصدّيه للقضاء و نصبه له.