قال الخوارزمي[1]: قال بشير بن حذيم الأسدي: نظرت إلى زينب بنت علي يومئذ- ولم أرَ خفرة قط أنطق منها، كأنما تنطق عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وتفرغ عنه- أومأت إلى الناس أن اسكتوا. فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس.
فقالت: «الحمد لله والصلاة على أبي محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الأخيار آل الله.
وبعد يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل[2] والخذل، والغدر! أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة[3]، ولا هدأت الرنة. إنما مثلكم كمثل الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً[4] أتتخذون أيمانكم دخلًا بينكم؟[5] ألا وهل فيكم إلا الصلف[6]،
[3] رقأ الدمع والدم: جفّ. وهي عليها السلام تشير بذلك إلى عِظَم الفاجعة بحيث تستحق الاستمرار بالبكاء تفجعاً، أو إلى عِظَم الجريمة بحيث تستحق الاستمرار بالبكاء ندماً.