المقام الثاني: في عدم مواجهة الإمام الحسن (ع) لمعاوية بعد ظهور غدره
من الظاهر أن معاوية قد أعلن من يومه الأول عن عدم التزامه بشروط الصلح، وقد سبق أنه خطب في النخيلة عندما ورد الكوفة بعد الصلح، فقال في جملة ما قال: «ألا إن كل شيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين، لا أفي به»[1].
ومن المعلوم أن تصريح معاوية هذا وإن كان- في واقعه- مبرراً للإمام الحسن (صلوات الله عليه) في تخليه عن الصلح، بغض النظر عما يأتي التعرض له. إلا أن الأوضاع والموانع السابقة لم تتغير لصالحه، بحيث يستطيع التخلي عن الصلح وإعلان الحرب.
بل ربما زادت الأوضاع سوءاً بعد انفراط جيش الإمام (ع)، ووصول معاوية بجيشه في راحة إلى مشارف الكوفة، وظهور الشقاق بين أصحاب الإمام، لاختلاف وجهات نظرهم من الصلح.
ومن القريب أن معاوية أدرك ذلك، فأعلن موقفه المذكور من الشروط. وإلا فمن البعيد جداً أن يغامر ويتسرع من دون أن يأمن من مغبة عمله.