على أنه يبدو من بعض خطب أهل البيت عليهم السلام في الكوفة أن السلطة قد سبقت ركب الأسرى من العائلة الثاكلة ببعض مظاهر التبجح بالواقعة، في محاولة منها للتشهير بها، وإظهار السرور على الصعيد العام بما أوقعته بها.
فقد ورد في خطبة فاطمة الصغرى في الكوفة حال السبي قولها: «تباً لكم يا أهل الكوفة كم تراث[1] لرسول الله (ص) قبلكم، وذحوله[2] لديكم. ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب (ع) جدي وبنيه وعترة النبي الطيبين الأخيار. وافتخر بذلك مفتخر، فقال:
ولكن ذلك لم يقو على كبح جماح عواطف جمهور الناس نحو العائلة الكريمة وأهل البيت (صلوات الله عليهم)، وإظهار التعاطف معهم، والبكاء عليهم، والتفجع لهم.
وهكذا الحال لما أخرجوا من الكوفة إلى الشام. فقد روى ابن سعد بسنده عن الإمام زين العابدين (صلوات الله عليه) أنه قال: «حُملنا من الكوفة إلى يزيد بن معاوية، فغصّت طرق الكوفة بالناس يبكون، فذهب عامة الليل ما يقدرون أن يجوزوا بنا لكثرة الناس. فقلت: هؤلاء الذين قتلونا. وهم الآن
[1] التراث: ما يخلفه الرجل لورثته. وفي مثير الأحزان ص: 68:« أي ترات» بالتاء المثناة. وترات جمع تِرة: وهي إصابة الشخص بظلم أو مكروه. وهو أنسب بالمقام.