ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير انّه لا نبيّ بعدي؟ فأسكت القوم.

فقال: واللّه ليقومنّ أو ليكوننّ في غيركم ثم لتندمنّ؟

قال: فقام عليّ عليه السلام وهم ينظرون إليه كلّهم، فبايعه وأجابه إلى‌ ما دعاه إليه، فقال له: اذنُ منّي، فدنا منه: فقال له: افتح فاك، ففتحه فنفث فيه من ريقه، وتفل بين كتفيه وبين ثدييه.

فقال أبولهب: لبئس ما جزيت به إبن عمّك، اجابك لما دعوته إليه فملأت فاه ووجهه بزاقاً!

فقال رسول اللّه: بل ملأته علماً وحلماً وفقهاً.[548]

(2) روى‌ السيّد إبن طاووس أعلا اللّه مقامه من تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى‌: «وانذر عشيرتك الأقربين» يرفع الحديث إلى‌ البراء بن عازب قال:

لمّا نزلت: «وانذر عشيرتك الأقربين» جمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله بني عبدالمطلب، وهم يومئذ أربعون رجلًا، الرجل منهم يأكل المسنّة ويشرب العسّ، فأمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ان يدخل شاة يأدمها، ثم قال: ادنوا بسم اللّه، فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى‌ صدروا، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جُرعةً ثم قال لهم: اشربوا بسم اللّه، فشربوا حتى‌ رووا، فبدرهم أبولهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل!

فسكت النبيّ صلى الله عليه و آله فلم يتكلّم، ثم دعاهم من الغد على‌ مثل ذلك الطعام والشراب، ثم انذرهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال: يا بني عبدالمطلب إني أنا النذير اليكم من اللّه عزّ وجلّ، والبشير بما لم يجي‌ء أحد به، جئتكم بالدنيا والآخرة، فاسلموا

[548] البحار ج 38، 43/ 249- البرهان ج 3، ص 190- ورواه في كنز الفوائد