responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام حسين عليه السلام في وجدان الفرد العراقي المؤلف : الفتلاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 27

أركان نفس سيد الشهداء عليه السلام رأينا تطبيقها يوم كربلاء عندما أقسم بربه قائلا «والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لهم إقرار العبيد»([24]) فلقد كان رافضا للذل مستأنسا بالموت وفرحا به لما فيه من عز وشموخ وعنفوان، ولأن الحياة مع الظالمين مرّة كريهة ومليئة بالملل والخنوع نجده يصرح قائلا: «والله لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما»([25]) ولذلك سارع إلى الانتقال إلى عالم لا لغو فيه ولا تأثيم.

هذه المبادئ السامية التي تجلّت في كربلاء قسّمت القوم إلى فريقين، فريق يحب الدنيا ويتهافت عليها كتهافت الذباب على مزبلة قذرة وفريق نافر منها زاهد فيها راغب فيما عند الله تعالى من العطاء والبقاء والرحمة والواسعة، وهذه المبادئ جعلت عمر بن سعد يفكر ويقدم على قتل ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من اجل ملك الري وجعلت الإمام المنتصر عليه السلام يقول: «ألا وأن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة»([26]) ، وهي عينها التي جعلتهم يتصدون بشجاعة وبطولة وعزة تذهل كل من اطلع عليها، فلقد تجسدت هذه المبادئ في القائد وفي الجند، في الكبير والصغير وفي الرجل والمرأة، وحتى في الإمام زين العابدين عليه السلام الذي كان مريضا وقد سقط عنه الجهاد إلا أنه طلب عصا وسيفا لكي يجسد هذا المبدأ السامي لو سمح الإمام عليه السلام له، فيتضح من كل هذا مدى وجوب الموت بشرف وعزة دفاعا عن الحق سواء كان هذا الحق شخصيا أو عاما، وسواء كان المدافع فردا أو مجتمعا.


[24] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1، ص 358.

[25] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2، ص 7.

[26] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 2، ص 10.

اسم الکتاب : الإمام حسين عليه السلام في وجدان الفرد العراقي المؤلف : الفتلاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست