وإن النكتة في المشاورة أنها تقلل من
درجة الخطأ ومخالفة الواقع، فإنّ الرأي الواحد بانضمامه إلى بقية الآراء يكون أكثر
جزماً وقيمة. ذكر القرطبي عن ابن عطية: بأن الشورى من قواعد الشريعة وعزائم
الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين، فعزلُهُ واجب وهذا ما لا خلاف فيه([1235]).
وقد عرض الطبرسي: اختلف أهل التأويل
في فائدة مشاورة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين بالرغم من استغنائه
بالوحي على أقوال:
أولها: أن ذلك على وجه التطييب
لنفوسهم والتآلف لهم والرفع من أقدارهم ليبين أنهم ممن يوثق بأقوالهم، ويرجع إلى آرائهم
عن قتادة والربيع وابن إسحاق.
ثانيها: أن ذلك لتقتدي به أمته في
المشاورة، ولم يروها نقيصة كما مدحوا بأنّ أمرهم شورى بينهم عن سفيان بن عينيه.
ثالثها: أن ذلك لأمرين لإجلال أصحابه،
ولتقتدي أمته في ذلك عن الحسن والضحاك.
رابعها: أن ذلك ليمتحنهم بالمشاورة ليتميز
الناصح من الغاش.
خامسها: أن ذلك في أمور الدنيا
ومكائد الحرب ولقاء العدو، وفي مثل ذلك يجوز أن يستعين بآرائهم عن أبي علي الجبائي([1236]).
[1234]
عبد الله الهاشمي، الأخلاق والآداب الإسلامية، 984.