وفي تاريخ بن كثير الشامي: «توفي سنة 413هـ عالم الشيعة وإمام الرافضة، صاحب التصانيف الكثيرة، المعروف بالمفيد وابن المعلم أيضاً، البارع في الكلام والجدل والفقه، وكان يناظر كل عقيدة بالجلالة والعظمة في الدولة البويهية. وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، وكثير الصلاة والصوم، خشن اللباس، وكان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد، له أكثر من مائتي مصنف، وكان يوم وفاته مشهوداً، وشيعه ثمانون ألفاً من الرافضة والشيعة» وهذا الكلام لليافعي»([242]).

نظرة إجمالية لكتابه الفقهي (المقنعة)

انتهج الشيخ المفيد في مجال الفقه منهجاً وسطاً بين المسلكين والاتجاهين المتقدمين (الروائي والعقلي)، بين الالتزام بالنصوص، والتوسع في التفريعات المستمدة من المنهج العقلي، وكتابه (المقنعة) الذي ضم جميع أبواب الفقه، وقد سبك على الطراز، فليس هو متناً حديثيّاً فقهياً محضاً لا يخرج عن دائرة النصوص، ولا هو كتاباً تفريعياً تخريجياً متوسعاً في الاستدلال. وأنت إذا وازنت بين هذا الكتاب، وبين «المقنع» الذي ألفه أُستاذه الصدوق من قبل، وما نقل من الفتاوى عن القديمين (ابن أبي عقيل وابن الجنيد) لوجدته كتاباً سلك فيه مؤلفه منهجاً وسطاً بينهما.

[242] انظر: لؤلؤة البحرين 363، وكذلك أعلام مذهب أهل البيت عليهم السلام حول الشيخ المفيد، وانظر: أعلام الفقهاء والمحدثين: ص245، وانظر: تاريخ الفقه الإمامي وأدواره ص25 وانظر: تاريخ التشريع الإسلامي ص255.