اسم الکتاب : سعيد بن جبير: شيخ التابعين وإمام القراء المؤلف : البياتي، سلام محمد علي الجزء : 1 صفحة : 151
زهده
كان سعيد وثيق الارتباط بالآخرة شديد
الحذر من الدّنيا ونعيمها الزائف وحبائلها الخفية المترصدة للبشر، فهو يتعامل معها
بكل حذر وفطنة.
سُقِيَ مرّة
شَرْبَةً من عسل في قدح فشربها ثم قال: (واللهِ لأسألَنَّ عن هذا) فلما قيلَ له:
لِمه؟ فقال: (شَرِبْتُهُ وأنا أسْتَلِذُّهُ)([517])،
لأنه خَشِيَ من نفسه لئلا تطمَع، فيفلت زمامها من يده وهو الذي شد وثاقها وأحكم
إسارَها بِزُهْدِهِ وسمو غايته.
هذا الزهد في الدنيا وزينتها أكسبه
زينة أجلّ منها وأسمى؛ زينة دائمة يتمناها أهل الدنيا أن تكون فيهم ولكن هيهات
فالقلب الذي يملؤه غرور الدنيا لابد وأن يصير مرتعاً لِلْكِبْرِ والنفاق والرياء
والصّلف.
رأيه
في الخضاب
وسعيد كان حسن الرأي لطيف العبارة
صريح القصد؛ سُئِلَ مرّة عن (الخِضاب) بالوسمة فقال بوجه باسم: (يَكسو اللهُ العبدَ
النّورَ في وجهه ثم يطفئه بالسواد)([518]) وسأله مسلم
البطين مرّة: (الشكر أفضل أم الصبر؟) قال: (الصبر، والعافية أحَبُّ إليّ)([519]).
وسُئِلَ عن أولادِ المؤمنين قال:
(هُمْ مع خير آبائِهِمْ فإن كان الأب خيراً من الأم فهو مع الأب وإن كانت الأمُّ
خيراً من الأب فهو مع الأم)([520]).