لأنه كان ينظر إلى الحياة الدنيا
بعين واعيةٍ فهي في عينه قصيرة وهي إنما امتحان للمرء وليس متعة كما يحسبها
الغافلون: (فما هي إلاّ جمعة من جمع الآخرة)([506])، في نظرة
(وَأنّ بقاء المسلم كل يوم غنيمة، وعلى المرء الجد في الفرائض والصلوات وما يرزقه
الله من ذكره)([507])، ومن هذا الإحساس نفهم ما يعنيه
بقوله (ما فرِحت في يسر قط ولا حزِنت في عسر قط)([508]).
فهو إن يضحك فإنما يضحك ساعة يُواجه
الموت بين يدي الحجاج و(مِنْ جُرْأةِ الحجاج على الله وحلم الله عنه)([509]).
وإنْ يَبكي فإنما يبكي لسماعه صوت العود يُعْزَفُ به بين يدي الحجاج وحين يسأله
الحجاجُ عن سبب بكائه - ظنّاً منه أن سعيداً جزع من الموت - أجاب سعيد الحجاجِ
بصراحته المعهودة؛ إنه إنما تذكر قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ
الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا}([510]))([511]).