اسم الکتاب : نثر الامام الحسین علیه السلام المؤلف : الجديع، حيدر محمود الجزء : 1 صفحة : 188
ولقد كان الإيجاز موضع إعجاب متواتر في التراث العربيّ، إذ قيل فيه الكثير
عن >قيمته وارتباطه بتكوينات الكلام، واختراقه للسمع، وقدرته على البقاء، وسط
كلام كثير يجيء ويذهب ويُنسى..[حتى] تبدى الإيجاز آية الترفع عن مستويات كثيرة من
الثرثرة والتفصيلات...< ([258])، وعلى وفق هذه النظرة تظهر
وظيفة الإيجاز في توضيح الفكرة بأيسر عبارة وأقرب طريق، حتى أصبح قاعدة البلاغة،
بل تتجلّى فيه البلاغة نفسها، وقد بيّن هذا أكثم بن صيفي الذي يرى أنَّ >البلاغةَ
هي الإيجاز..<([259])، فهو إذاً حقيقتها
الجوهرية التي تؤمّن معه وجودها من حيث البلاغةُ في بُعدها الوظيفيّ >مطابقة
الكلام لمقتضى الحال مع فصاحتهِ<([260])، إذ إنَّ ما يُشكِّل
آليّة وظيفتها ثلاثة عناصر: (أ) المطابقة، و(ب) مقتضى الحال، و(جـ) الفصاحة،
وكلّها تستدعي الإيجاز حال اِشتغالها، باختزال الألفاظ، واقتصاد الجمل، واقتطاع
التركيب، وحذف يطال أيّ جزء في بِنية النص، أو باللّمح الدّال المفضي إلى الاختصار،
أو بانتقاء الإشارة إلى المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل([261]).
وبحسب هذا التفاعل الوظيفيّ بين جوهر الإيجاز، وغائية البلاغة، فهما