وثيقة عمقٍ، وهوية تجذّرٍ تحمل معها التزاماتها.. وبها تخرج أسرار جمال النصوص الإبداعية، وتنكشف بها كذلك أسرار إعجازها المتعمق بالمتعالي والاِستثنائي، لأنّها تتخذ في تأثيرها الوجدانيّ الكلمة الوسيلة الجمالية، لغايتها في الإفهام والتعبير المباشر بحسب مستوى فاعلية المخاطب ([143])، إذ توجّه إليه بقصدية خاصّة ودقيقة تختلف باختلاف مجالات المناسبات المتعدّدة لكلّ ظرف نصٍّ ما، فيجعل الكلمات أو الكلمة المفردة محالة إلى مرجع ما وتعيّنه، لا سياق النّص إنّما تقرّر العلامة مع السياق من خلال الذهن التذكّريّ للمتلقّي، ومِنْ ثَمَّ يمكّنه بوضوح أن ينظر إليه من نقطة خارجة عنه، وبَعْدَهُ تصبح الظاهرة أو الظواهر مرئية، إذ لم تكن هكذا إلاّ عندما استقرّ الواقع في خَلَده وذاكرته، وهذا المظهر له أهمية كبيرة وقصوى بخصوص الموضوع الجماليّ، وعملية قراءته ([144]).

إنّ هذه الظواهر سواء أكانت ثقافة كاملة أم مواقف فكريّة، يمارسها المنشئ بفاعلية جماعية ويمتاحها من الروح الجماعية، عَبْر إدخاله إيّاها في بنى جديدة يكتسب بها دوراً، وفاعلية ودلالات جديدة لا من خلال الخروج في الدلالة السياقية المترسّخة للمكوّن اللغويّ على الألفاظ المفردة أو الكلمات المفردة فحسب، بل يتناولها صيغاً كلّية في تلك الظواهر نفسها

[143]- ينظر: جماليات المكان: 111- 113، و ينظر: جماليات المفردة القرآنية: 25.

[144]- ينظر: فعل القراءة- نظرية جمالية التجاوب-: 67، و ينظر: جماليات المكان في العرض المسرحيّ: كريم رشيد(بحث): 77.