باء: وفيه حماد بن سلمة الذي اختلط، والذي كانت الأحاديث تدس في كتبه

وهو (حماد بن سلمة بن دينار البصري) من الطبقة الوسطى من أتباع التابعين، روى له أصحاب الكتب الستة، ولم يرو له البخاري إلا حديثا في الشواهد، وهو عندهم ثقة شديد التسنن، إلا انه ممن ثبت اختلاطه، وبحسب القاعدة التي ذكرناها سابقا من (أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط، ولا يقبل حديث من أخذ عنهم بعد الاختلاط، أو أشكل أمره، فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده)([1273])، وهذه الرواية يرويها حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان، ولم أر أحداً من أهل الحديث يقول بأن أحاديثه عن سعيد بن جمهان كانت قبل الاختلاط، فهي إن لم نقطع بوقوعها بعد الاختلاط، فعلى اقل التقادير تكون مشكوكاً فيها، وفي الحالتين لا تقبل وفقا للقاعدة السابقة.

وقد وصفه بالاختلاط الحافظ برهان الدين سبط بن العجمي في كتابه (نهاية الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط)([1274])، وكذلك فعل خير الدين الزركلي في (الأعلام) حيث قال: (حماد بن سلمة بن دينار البصري الربعي بالولاء، أبو سملة: مفتي البصرة، وأحد رجال الحديث، ومن النحاة. كان حافظا ثقة مأمونا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه فتركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد وأخذ من حديثه بعض ما سمع منه قبل تغيره)([1275])، أقول: وقد رجعت إلى صحيح مسلم فلم أره قد نقل حديثا عن حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان، مما يدل على ان سماعه من سعيد قد جاء بعد الاختلاط والتغير.

وحماد بن سلمة إضافة إلى تغيره واختلاطه فلم تكن كتبه مصانة عن

[1273] مقدمة ابن الصلاح ج1 ص87.

[1274] المصدر نفسه ص96.

[1275] الأعلام لخير الدين الزركلي ج 2 ص 272.