responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هذه فاطمة صلوات الله عليها المؤلف : الحسني، نبيل    الجزء : 1  صفحة : 234

على مـن انتهجـه وسلكه، ومن ذلك قوله عزّ وجلّ في أصحاب الكهف:

(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا) ([369]).

فهذه الآية الكريمة ترشد العارف إلى خصيصتين من خواص الاعتزال وهي أنه يمنح المنتهج له آثار رحمة الله فيكون مستحقاً لهذه الرحمة فينشرها الله عليه.

وثانياً: إن الله عزّ وجلّ يهيئ للمتقرب إليه بهذه العبادة سبل النجاة وطرق الخلاص من المهلكات، كما كان واضحاً من حال هذه النخبة المؤمنة التي انتهجت هذا النهج التعبدي، لأن أهم ما في هذا النهج أنه من معين الإخلاص لله رب العالمين، فيروي القلب بمائه الصافي وينعش الروح بعذبه الفراتي.

ومن هنا تجده مرافقاً لأولياء الله عزّ وجلّ، لأن الإخلاص غايتهم الموصولة إلى رياض القدس الإلهية وموجباً لنزول الفيوضات الربانية، كما كان حال العذراء مريم عليها السلام ونهجها التجردي الاعتزالي التعبدي إلى الله عزّ وجلّ فكانت لا ترى أحداً ولا يراها أحد إلا نبي الله زكريا عليه السلام فلم تأخذها العاطفة إلى أهلها والشوق إلى خاصتها وذويها؛ لأن الإخلاص لله غايتها.

قال تعالى:

(فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) ([370]).

فكانت بهذا النهج قد حازت على الاصطفاء والطهر من الله عزّ وجلّ، وأصبحت موضعاً لامتداد النبوة، فمـن خلالها لحـق عيسى بإبراهيم عليهما السلام.

ثم ينقل القرآن الكريم صورة أخرى لهذا النهج التعبدي، ورائداً آخر من رواد


[369] سورة الكهف، آية: 16.

[370] سورة مريم، آية: 17.

اسم الکتاب : هذه فاطمة صلوات الله عليها المؤلف : الحسني، نبيل    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست