لهذا وسيتعهد الإمام العسكري برعاية هذا الظرف الحرج والواقع الاستثنائي الخطير، الا أن ذلك لم يوقف الإمام العسكري عليه السلام عن نشاطه العلي وجهوده الفكرية، فالفقه كان الى جانب العقائد التي يرعاها الإمام في تقديم الأمثل، والفقه كان حاضراً في جهد الإمام العسكري فان تيارات الفقه السياسي تحرف الفقه الأصيل الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والبلاط العباسي يبحث عن الفقه البديل الذي يفتح له آفاق العبث والسجون في أروقة القصر العباسي، ولابد لمهمة الإمام العسكري عليه السلام أن تتكلل بالجهود الفقهية التي قدمها على أساسي أحاديث يبتدأ بها جلسائه أو اجابات على كتب أتباعه تأتيه من اقاحي البلدان الإسلامية، فأثبت أسس الفقه المحمدي الأصيل في رواياته الشريفة ليحفظها في ظرف العقيبة وفترة ابتعاد الإمام المهدي عج الله تعالى فرجه الشريف عن قواعده ليرعاها باسلوب الغيبة البديل، أي رعايته الشخصية صلوات الله عليه ونوايه ووكلائه وفقهاء الأمة في عصر الغيبة الشريفة.

والدراسة التي بين أيدينا هي من أهم الجهود الروائية التي اثبتت جهود الإمام العسكري الفقهية وقد قدم الدكتور عبدالسادة محمد الحداد في بحثه الموسوم "الإمام الحسن العسكري" ورواياته الفقهية جهداً متميزاً في هذا المضار حفظ لنا متون الروايات بطريقة استدلالية ترتبط واستنباطات الفقهاء الذين جعلوا هذه الروايات أدلتهم في هذا المجال، وبذلك فقد كانت للدراسة أثرها في الاشارة الى جهود الأئمة عليهم السلام في حفظ التراث الفقهي وغلق الطريق على محاولات فقهاء البلاط الخائبة.