أبوه عليه السلام

عاش الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام في ظل حياة أبيه الإمام علي الهادي اثنين وعشرين عاماً، وقد لازمه في طوال هذه الفترة فلم يفارقه في حله وترحاله، وكان الإمام الهادي عليه السلام يرى فيه صورة صادقة لأخلاق جدّه الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي امتاز بها عن سائر الأنبياء عليهم السلام، كما كان يرى فيه ذاتيات الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وهو الامتداد الطبيعي للإمامة والنيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاهتم بأمره وأشاد بعظم شأنه وجلالة منزلته أمام خواصّه وثقاته من الشيعة من أجل الحفاظ عليه قائلاً عليه السلام: «أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة، وأوثقهم حجة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامها»[45].

وقد شاهد الإمام الحسن العسكري عليه السلام جميع الظروف والمواقف التي كان يواجهها أبوه عليه السلام من صنوف الإرهاق والتنكيل من قبل ملوك بني العباس خصوصاً في عهد المتوكل الذي جهد في ظلم الإمام عليه السلام، ففرض عليه الإقامة في سامراء، وكان يأمر بتفتيش داره بين حين وآخر، كما أمر بهدم قبر الإمام الحسين بن علي عليه السلام وهدم ما حوله من المنازل والدور[46]، وكان يتلقى الإمام الحسن العسكري عليه السلام ذلك بصمت وضبط وإتقان استعداداً لتولي الأمانة بعد والده عليه السلام[47].

[45] أصول الكافي: الكليني، 1/ 386 + الإرشاد: المفيد، 2 / 319.

[46] ظ: تاريخ اليعقوبي: اليعقوبي، 2/447 + تاريخ الطبري: ابن جرير الطبري، 7/365 + مروج الذهب المسعودي، 5/12 + تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، 12/56.

[47] ظ: موسوعة الإمام المهدي: تاريخ الغيبة الصغرى: محمد محمدصادق الصدر، 1/165.