نشأ الإمام أبو محمد عليه السلام في بيت الرسالة ومهبط الوحي والتنزيل
ومنبع العلم والهداية، ذلك البيت الذي أذهب الله عن أهله الرجس وطهّرهم تطهيراً،
فهو فرع من تلك الدوحة المحمدية الفوّاحة بالشذى التي غرسها النبي الأكرم محمد صلى
الله عليه وآله وسلم وأنبأ بها العزيز الحكيم في كتابه الكريم بقوله: >ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ
طَيِّبَةٍ أصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي اُكُلَهَا كُلَّ
حِين بِإذْنِ رَبِّهَا<[43].
فترعرع في حجر والده الإمام علي الهادي عليه السلام يشُم نسيم الإمامة
الكبرى وتغمر قلبه أنوار الولاية العظمى ويتغدى بأنواع الحكمة والمعرفة، (جعله
الله امتداداً لخط الإسلام الصحيح، وانتخبه حاملاً لشريعته واصطفاه حافظاً لدينه
وكتابه، واختاره إماماً ونوراً لبريته، ومناراً لعباده)[44].