باء: روح التضامن في قدسية القضية التي حملتها الجماعة

إنّ أعلى درجات سلم الروح المعنوية والقتالية حينما تكون الجماعة متضامنة حول قضية مقدسة جمعتهم على الانتصار لها والدفاع عنها، فعندها لا تجد في مشاهد المعركة سوى أفرادًٍ يقاتلون بقلب واحد وروح واحدة ويد واحدة؛ ولعل التعبير عن هذه المشاهدة بألفاظ كـ(الملحمة، أو البطولة، أو البسالة، أو الضراوة) لا تقدم صورة مطابقة للواقع عما يجري في ساحة المعركة.

وقد أشار علماء النفس العسكري إلى: (أن هذه الحروب المقدسة تؤججها المشاعر الدينية والوطنية الملتهبة ويحيط بها الحماس والحدة والشعور بالعصبية، ويبدو أن المحاربين يحتاجون إلى مثل هذه الشحنة المعنوية عندما يقومون بالمهام القتالية الخطرة أو الاستشهادية)[54].

فكيف إذا كان هؤلاء المحاربون قد شهدوا منازلهم في الجنة قبل وقوع المعركة كما حدث ليلة العاشر من المحرم حينما جمعهم قائدهم وإمامهم الحسين بن علي صلوات الله عليهما بعد أن عرض عليهم الرحيل والرجوع حرصاً منه على سلامتهم فأبدوا أعلى درجات الاستعداد والتصميم والثبات من أجل الدفاع عن قضيتهم المقدسة التي تمثلت فيه كرمز لهذه القضية المقدسة.

فجمعوا بذلك أهم الأسس التي جعلت فيهم روحا معنوية فريدة على مر التاريخ فمن روح الجماعة والثقة المتبادلة إلى قداسة القضية وتجسدها في شخصه إلى التفاني من أجل قضيتهم ورمزها.

[54] علم النفس العسكري للدكتور محمد شحاتة: ص353.