(إنها لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع)[59].

وهذه الحالة النفسية والعقدية لعائشة تمنعها من أن تذكر ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في علي عليه السلام على مر حياتها فضلاً عن أنها أسست لظاهرة الاستقلاب في النص النبوي والتاريخي بطلب تقديري يرشد الرواة إلى قلب النصوص والأحاديث فاستقلبت بفعل هذا المنهج.

المسألة الرابعة: اعتماد حكام بني أمية الاستقلاب كمنهج في التعامل مع النص النبوي والتاريخي

إن تلك المرحلة التي استمرت خلال حكم الولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكما بين الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام وبلغ عنها قدمت تبريراً فأقام به حكام بني أمية فضلاً عن الدعم المعنوي والنفسي والاجتماعي في اعتماد الاستقلاب كمنهج في التعامل مع النص النبوي والتاريخي.

وقد وفر بنو أمية كل المستلزمات لتحقيق العمل بهذا المنهج وبذلوا من أجله جميع الإمكانيات المالية والسلطوية والعقدية والاجتماعية، وهو ما كشفت عنه النصوص التي غلبت جميع هذه الإمكانيات المبذولة ولتظهر بذاك أن لا قدرة على طمس الحقيقة وقتلها مما جهد الظالمون في ذلك.

وكما قيل في العلم الجنائي والقضائي: إن لا جريمة مغلقة وبدون أدلة توصل إلى معرفة المجرم وأن جهد فيها الجناة، وطال الزمن.

[59] أنساب الأشراف للبلاذري: ج1، ص545؛ تاريخ الطبري: ج2، ص433؛ فتح الباري لابن حجر: ج2، ص131؛ عمدة القاري للعيني: ج5، ص192.