responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفحات الهداية المؤلف : الصالحي، ياسر    الجزء : 1  صفحة : 91

وهكذا لم يكن بوسع أبي عبد الله الحسين أن يقف من هذه الأمور كلّها موقف المتفرّج الهارب بنفسه من ساحة الوغى أو (الفار بدينه) إلى ساحات الاعتزال والانعزال، وهي جميعها أشكال مختلفة من الهروب والتهرّب من تحمّل المسؤولية، وهو مسلكٌ فضلاً عن ضرره البليغ على الواقع الراهن في تلك اللحظة يعطي المسوّغ لكلّ من تعرَّض لهذه الظروف أو ما شابهها أن يهرب بنفسه وينجو بشحمه ولحمه حتَّى يستوفي الأجل المحتوم، ويبقى في وجدان الأمّة رمزاً من رموز الكهنوت الهارب من مواجهة الشيطان في أرض الواقع واللائذ بالنصوص والمسوّغات.

كان بوسع الحسين عليه السلام أن يفعل مثلما فعل ابن عمر فيبايع بيعة المضطر ليزيد، ونضيف إلى لائحة الروايات التسويغة التي رواها الرجل على لسانه أو على لسان النبيّ الأكرم عدَّة نصوص أخرى ربَّما كانت تحتلّ مكاناً أبرز من نصوص ابن عمرو كان البخاري ومسلم سيحتفلان بها، فها هو ابن الرسول وعلي وفاطمة يوجب السمع والطاعة ليزيد القرود ويدعو إلى توحيد الجماعة صفّاً واحداً خلف حفيد آكلة الأكباد وحفيد أبي سفيان عدوّ الله ورسوله حتَّى آخر نفس.

ولو كان فعل هذا - وحاشاه - لاستشهد به الأفاكون والمنافقون والمخادعون في كلّ موقف يرون فيه ضرورة إسناد حزب الشيطان ومنعه من الانهيار، ولما قال أحد: ثار الحسين رافضاً الظلم واستشهد في سبيل الله، ولماتت هذه الأمّة إلى نهاية الدهر.

إقامة الحجّة وبيان الحقيقة

ثمّ جاء صباح عاشوراء، ووقف الحسين عليه السلام يدعو ربّه:

«اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب ورجائي في كلّ شدَّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدَّة، كم من همًّ يضعف فيه الفؤاد وتقلُّ فيه الحيلة ويخذل

اسم الکتاب : نفحات الهداية المؤلف : الصالحي، ياسر    الجزء : 1  صفحة : 91
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست