فيتضح ابتناء هذا التنوع على
اختلافات التوجيه الإعرابي والتي وجّه بها المفسرون رفع لفظة
"الصابئون", فمنها: عطف "الصابئون" على المضمر في هادوا ويكون
معنى هادوا: تابوا, وعلى توجيه آخر تقديم "الصابئون" كونهم أكثر غياً
ومع شدة غيهم يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان, وعلى غيره أن "الصابئون"
مع كونهم صابئين يمكن أن يتاب عليهم والآية في مقام بيان أن لا عبرة في باب
السعادة بالأسماء والألقاب كتسمي جمع بالمؤمنين, وفرقة بالذين هادوا، وطائفة
بالصابئين وآخرين بالنصارى، وإنما العبرة بالإيمان بالله واليوم الآخر والعمل
الصالح, أو على توجيه آخر أنهم مأجورون أو آمنون أو فرحون[427].
فهذا التنوع التفسيري ترتب على
اختلاف الأوجه الإعرابية في لفظ واحد مع اتفاقهم على رفعه, والتي نحاها المفسرون,
ليتسق مؤداها وسياق الآية الكريمة والفهم الإجمالي للنص القرآني بالنظر إلى الآيات
الأُخَر التي ورد فيها ذكر الصابئين, وما ارتكز في أذهان المفسرين من معالم ديانة
الصابئين. وهناك بعض الكلمات ما يحتمل أكثر من حالة إعرابية ولكل حالة توجيهات
وعليها تبتني تفسيرات متنوعة.